محمد باسم :
على الرغم من اعتيادها على النوم باكرا، لم تستطع النوم في تلك الليلة. ذكريات الماضي، عادت اليها من جديد لتمنعها الرقاد. ليل هادئ ورتيب، كل شيء يغط في نوم عميق، ﻻ تسمع من حولها سوى صوت انفاسها المضطربة وقلبها المنتحب.
قامت من الفراش وشغلت حاسوبها، فتحت صفحتها على الفيس بوك، وتحت تأثير الشوق كتبت:
“اليك يا جرح حياتي اكتب…
مضى زمن طويل مذ رأيتك آخر مرة، مذ كنتَ موجودا في تفاصيل حياتي، مذ كنتُ غارقة بك، شاعرة بحبك يضمني ويمنحني الحنان. اما الآن فقد صرتَ مجرد حكاية حزينة اقرأ سطورها من بين دموعي كل مساء. صرت كابوسي الخاص الذي يؤرقني كل ليلة. تزورني في احلامي لتزيد ألمي بك، كأنك ﻻ تريدني أن أشفى منك حتى بعد رحيلك.
افكر كل يوم وﻻ اجد الجواب. رحلت من دون ان تقدم لي ما يبرر غيابك، رحلت قبل أن اودعك، هكذا بلا سبب اختفيت من حياتي فجأة. أكنت انا المذنبة؟ هل اخطأت بحقك يوما؟ هل مللت مني ومن حبي لك؟ هل نزعت قلبك من بين يدي لتهديه لامرأة غيري؟
ليتك اعترفت لي ولم تتركني حائرة اتخبط في امري، ربما سأتفهمك عندها، لن اركض وراء طيفك، لن احملك ذنب ما يحل بي من بعدك، لكنك لم تفعل، مزقت قلبي بلا رحمة الى اشلاء ثم هربت بعيدا في ليلة مظلمة، هكذا ارتكبت جريمتك. لم تخش عواقب ما اقترفت يداك، ومن ذا الذي سيدينك؟ فهم يعاقبون القتلة واللصوص ويودعونهم السجون، اما من يذبح القلوب فلا احد يوجه له اصابع الاتهام، ويبقى حرا طليقا يتجول في العراء ليبحث عن ضحية اخرى، ويظل الخطأ خطأي، خطأي أنني احببتك.
كنت حبي الاول، علمتني لغة العشق، امسكت بيدي ورسمنا حروفه معا، لكنك لم تعلمني كيف اداوي جروحي اذا ما كسرت قلبي، لم تقل لي أنني سأتألم كثيرا واموت الف مرة بسلاح ذكراك. كنت فارس احلامي ورجل مستقبلي فما الذي حدث حتى رحل الفارس تاركا اسوار قلبي للأفول؟
ما زلت اذكر وعدك لي بأﻻ تفارقني ابدا وأنك ستظل الى جواري ما حييت. وقتها لم اكن ادرك أنك ستظل هنا حقا ولكن فقط في مخيلتي. متى سينقطع املي بعودتك؟ متى ادرك أنني فقدتك للأبد؟ تعتبت من انتظارك، اتذكرك دائما، اقرأ رسائلك القديمة المحملة بأماني ووعود كاذبة فأبكي، تساقطت احلامنا خاوية وباتت حياتي خريفا دائما ﻻ ينقضي.
احبك واكرهك، فرحتي انت وخيبتي، ابتسامتي ودمعتي. وحيدة انا من دونك، لن يشغل احدا الفراغ الذي تركته في داخلي. شوهتَ الحب في ناظري، كفرتُ به ومزقتُ تعاليمه، لم اعد اثق برجل، لم اعد اثق بالحب، صرت اخشى الوقوع في خيبة اخرى، الحب مجرد وهم زائل ونشوة عابرة، يغزو قلوبنا فجأة ثم ﻻ يلبث حتى يختفي دون سابق إنذار، تاركا اجسانا وارواحنا ذابلة تعاني الشقاء.
ليتني انساك…
احدى ضحاياك”.
ثم نامت…
وبحلول الصباح، كان قد تسلم خطابها عشرات الرجال.
—